
صحيفة الرياض-يوسف الكويليت
الإنسان عدو بيئته، ولعل تظاهرة مؤتمر كوبنهاغن الدولي حول المناخ وبحضور (١٩٢) دولة وأكثر من (٣٤) ألف عضو وصحفي هي الأكبر من نوعها كحدث عالمي، والعبرة هنا ليست بكثافة الحضور ، ولا بالاهتمام الذي جعل المؤتمر مفصلاً بين أن يغرق البشر بفوضى مناخية عارمة تؤدي إلى فقدان العديد من أنواع الحياة، حيوانات ونباتات، وطوفان، كما تؤدي إلى هجرات وتقاتل على الموارد، أو أن تعود البلدان الصناعية عن أنانياتها بتكثيف نشاطاتها التي ستؤدي إلى كارثة كونية ، بل العبرة بالنتائج..
وطيلة السنوات الماضية أُعلن النفط المتهم الأول، فيما غُض الطرف عن مصادر أخرى للطاقة مثل الفحم، وإبادة الغابات، وتلويث البحار، كأسباب لها قوة التأثير على المناخ، وبصرف النظر عن تلك الجدليات، والاهتمام بالواقع كحدث قائم وقضية لا تحتاج إلى دليل، يجب أن يتفق الأعضاء على حل، وأن لا يصبح العالم الثالث وحده من يدفع الثمن بالتلوث، والفقر، وهو الضحية الذي لم يكن سبباً فيما يجري..
نعرف أن ضغط الشركات على الحكومات كبير، غير أن المشكلة لا تتعلق بأرباح وخسائر مادية، إذا ما علمنا أن حجم الكارثة سيكون أكبر من تلك العوائد، ويأتي استشعار الدول الصناعية، ولو أنه جاء متأخراً، بالنتائج الخطيرة، بأنه لا بد من التعامل مع الأمر كحقيقة ثابتة لا تقبل التسريبات التي تتحدث بأن الأمور طبيعية وليست من نشاط الإنسان، في وقت عاشت بعض هذه الدول مؤثرات جديدة في الفيضانات والجفاف، وموت الغابات واحتراقها، وهناك من تنبأ بأنه في السنوات القادمة، إذا لم نشهد معالجات سريعة، ربما تتآكل اليابسة لصالح البحار مما يهدد كوكبنا بالاختفاء أو الموت النهائي..
هناك إهمال من الحكومات والشركات ، وتقليل من أهمية المشكلة، مقابل رعب عارم من شعوب العالم التي هي من يقرر طالما اختارت ممثليها في البرلمانات والحكومات والتي بدأت تعاكس رغباتها، مما دفعها للتظاهر في المدن الصناعية الكبرى، قبل فقراء مدن الصفيح والأوبئة في العالم الثالث..
الخبراء، أو بعض المتفائلين منهم، يقولون إن الوقت لا زال في يد البشرية في معالجة ظاهرة الاحتباس الحراري، والشيء المهم أنه لا يمكن لأي دولة كانت عزل نفسها عن هذه الحالة، طالما الفضاء شراكة بين العالم كله، ولكوكب صغير تم العبث به لصالح قلة من شعوب العالم..
القلق أصبح عالمياً، لكن الشعوب المتقدمة، هي التي شعرت بالكارثة الخطرة، لأن العالم المتخلف لا يدري بما يجري، وهو الضحية، وعملياً فإن المؤتمر نقطة فصل، إما إدراك المسؤولية التي لا تقبل التقليل والتسويف، أو مواجهة الأحداث المدمرة، ونعتقد أن الفزع من الانهيار المالي الذي اعتبر أكبر صدمة بعد الحربين الكونيتين، لا يقارن بصدمة المناخ التي ستكون الأكثر تهديداً بموتنا جميعاً على مراحل، وبالتقسيط غير المريح..
لا تعليقات بعد كن الأول ، “الأرض تحتضر”
إرسال تعليق